السبت، 21 مايو 2011

الوقت



من أغرب الأمور في حياتنا أرتباطنا العجيب بالوقت ... الوقت الذي لا يدل على مروره سوى تجعد جلودنا .... ونمو من حولنا .... وعقارب الساعة المزعجة التي لا تتوقف عن الدق .....


عندما فكرت في حقيقة أن الوقت لن يكون موجوداً في حياة البرزخ .... أو حتى في حياتنا بعد الحساب .... هذه حقيقة مفروغ منها ..... ولكن يصعب على عقولنا الصغيرة إستيعاب ذلك .... لا وجود للوقت ! .... كيف ستكون الحياة .... وكيف سنعيش؟


هذا يثير كثير من التساؤلات عن الوقت في حياتنا الحالية .... فهو في حياتنا كالسيد في قومه بل وأشد ..... هو يحكم الكثير من الأشياء والأمور إذا لم يكن كل شيء ..... فأكلنا وشربنا محكومان بساعاتٍ معينة ..... ونومنا واستيقاظنا .... دراستنا .... عملنا .... لعبنا .... مرحنا .... نحن نقوم بكل شيء محكومين بهذا السيد المتعسف .... كل شيء له وقت معين .... كل شيء يجب أن يحدث في وقت معين ودقيق .... وأحياناً يشتد علينا الأمر .... نجد أنفسنا نلتزم بالدقيقة والثانية .... وقد يزيد عن ذلك بعض الناس فيذهبون إلى أجزاء الثانية .... السؤال هو لماذا؟ .... لماذا نفعل هذا؟ .... ماذا لو ..... ماذا لو اختفى الوقت من حياتنا .... ماذا سيحدث .....



كثير منا يرى أن الوقت عامل أساسي في عمليات التنظيم في شتى مجالات الحياة ..... وأنا اتفق معهم في ذلك .... فالوقت عامل فعال للعدل .... ولكن ماذا لو جعلنا الشمس والقمر ساعاتنا .... ماذا لو استغنينا عن تلك العقارب الدَّقاقة المزعجة ..... فنحن كمسلمين نحدد أوقات الصلاة بالشمس والظلال .... فيتغير وقت الصلاة تبعاً للشمس لا العكس كما يحدث في كثير من مجالات الحياة الأخرى ..... فمثلاً .... أعمالنا تلزمنا بالتواجد على مكاتبنا في ساعة معينة كل صباح ... السابعة أو السادسة والنصف أو غيرها .... سواء كان الفصل صيفاً أو شتاءً .... ماذا لو استخدمنا ساعة الشمس .... وألزمنا بالتواجد في مكاتبنا عند إكتمال طلوع الشمس على سبيل المثال ..... ألن يكون ذلك أكثر مرونة .... وأكثر تناسباً مع تغير فصول السنة .... في هذه الحالة لن نضطر لقيادة سياراتنا في ساعات ظلام الفجر في أيام الشتاء .... ولكن مازلت أقول ..... ماذا لو لم نلتزم بالوقت .... ماذا لو إلتزمنا بالإنتاجية .... مثلاً ليس مهماً كم نقضي من الوقت في العمل .... المهم هو كم ننجز من العمل .... في هذه الحالة .... أولئك الأكثر نشاطاً وسرعة لن يضطروا لقضاء ساعات من الملل على مكاتبهم يلعبون بكراسيهم الدوّارة لا يجدون ما يفعلون .....

إلتزامنا المبالغ فيه بالقيام بأنشطتنا اليومية في ساعات ودقائق محددة .... هو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت حياتنا رتيبة مكررة مملة .... لا تجديد فيها ولا نضارة .... وإن استمررنا في استغنائنا عن تأمل السماء لمعرفة الوقت فإنها ستختفي وسنعيش تحت الأسقف وبين الجدران لا نعرف سواها ....

أن نعيش جاعلين السماء ساعتنا يعني أن نعيش على أرض ٍ صغرت مبانيها وقلت ... وبان الأفق وملأت السماء المنظر .... تُرا .... أي حياةٍ ستكون؟ ......