الخميس، 22 ديسمبر 2011

صباح الأربعاء 21/12/2011


لم تكف الشمس عن مداعبة جفوني منذ أصبحت .... كانت سعيدة جداً .... تتمايل خصلات شعرها الذهبي اللامع مع حركاتها المرحة .... كنت مبتسمة أنظر إليها .... كانت تبتسم تارةً وتضحك بخجل تارةً أخرى .... كان عقلي هادئاً وجسدي مرتاح .... وكل شيء ينتظر شروق الشمس التالي .....




ألقت الشمس علي شريطة بيضاء .... كانت تلف بها خصلة من شعرها الذهبي .... ابتسمت .... أرادت أن أكف عن السرحان .... وضحكت ودارت حول نفسها .... مواصلةً شرحها للسعادة ....




كم من الزمن افترقنا هذه المرة؟ .... شهر ونصف .... تذكرت ابتسامته .... واحتضانه إياهم .... ووقوفه بينهم .... أولئك .... الذين يمزقون الفؤاد في كل عامٍ مرتين .... فنُجبر على الابتسام .... وتلتصق أيدينا وآذاننا بالهواتف والأزرار


تراقصت خصلات الشمس الذهبية على جفوني .... نظرت إليها فضحكت .... هي تعرف فيم أفكر .... وكانت تعدني بابتسامتها أنها ستـُعحل شروقها التالي .... وزادت على ذلك بوعدها أنها ستجري إلى المغيب جرياً في سماء الخميس ....




وجدت ابتسامتي ترتسم على شفتي .... ودموعي في عيني .... آه أيها الأحبة .... عودوا ولونوا حياتي من جديد .... يا أزهى ثلاثة ألوانٍ رأتها عيناي ....




توقفت الشمس عن الرقص والضحك .... ونظرت إلي وعلى وجهها ابتسامة حنونة .... فقد لمست أشواقي ولهفتي .... فأمسكت يدي وغمرتني بدفئها .....لتزرع الطمأنينة في نفسي .... وتبدد ألم شوقي .... رفعت رأسي إليها وابتسمت ابتسامة جعلتها دموعي تبدو حزينة .... وقلت لها .... الله يأتي بهم جميهاً .... لتقر الأعين .... وتضع القلوب أسلحتها ودروعا ....




نعم هكذا هو سفرهم وغيابهم .... وهكذا هو شوقنا ولهفتنا .... لكن لكل طريق نهاية .... ونهاية غربتهم قد شارفت على الوصول .... رغم النوايا في زيادتها .... فأنا لن أنظر إلى تلك الزيادة .... وسأكتفي بحلمي بعودتهم وإن كان كاذباً .... على الأقل هذا الحلم هو الذي يعينني على الاستمرار والصبر ....




ارتفعت الشمس في السماء .... وملأت المكان حولي بخصلات شعرها الذهبي اللامع .... فجعلته منيراً مفعماً بالحياة .... عكس صدري الخاوي .... فما كان مني إلا أن مسحت دمعي وابتسمت ....


الأربعاء، 21 ديسمبر 2011

يال ضعفي

الثلاثاء 20/12/2011


يال ضعفي ... وصمتي ... وحيرتي ... طوال السنين وأنا أبني الجدار .... بعد تلك الطعنة ... بعد ذلك الألم ... بسببك أنت .... بنيت .... واجتهدت ... وشيدت .... وعززت ... زرعت أفضل الدعامات .... واخترت أفضل المعادن و الصخور .... وبنيته شامخاً يتحدى الجبال .... يعجز الطير عن اجتيازه .... وكل سنة أعززه وأقويه ....

وقفت خلفه وابتسم لي الأمان .... ومر الزمان .... وهو يصد عني كل الرياح العاتيات .... وما كان يصيبني إلا رذاذ المطر .... ورطوبة الصيف ... أمسك قلمي .... وأحدث أوراقي .... أشيح عن أمنياتي وأصدها بدرعي ... ولم أنتبه يوماً لتلك الثغرة .....

كنت أجلس وأوراق الخريف حولي .... تحت سماء لونتها فتيات السحب بفراشي الفن والابداع .... وكنت مُطرقة على ورقةٍ أنهكتها دماء القلم .... لفحني هواء بارد بعثر أوراق الخريف حولي وبعثر تركيزي معها .... فرفعت رأسي أنظر إلى هذا الغريب .... وكانت الفاجعة .... جداري مقتول .... ودرعي مكسورة ....

ابتسم الغريب وقد لف نفسه بعباءة الغموض .... ابتسامة كالبدر في ليلة ظلماء .... وقبل أن أدرك ... ابتسمت شفتاي .... فهبت الريح .... وهطلت الأمطار .... واسودت السماء .... واختفى ما كان فيها من ابداع .... نظرت إلى نفسي وأشواك البرد تنغرس في جسدي .... فصحت أين درعي! .... ولا أثر .... نزف جسدي .... وصرخ الألم داخل رأسي ... جثيت ألملم نفسي .... وأنظر إلى الغريب الذي غطته الظلال .... واستمر في الوقوف .... البرد قارس .... والخوف شديد .... بكت عيناي .... ونظرتا إليه .... هو السبب ... هو الثغرة ... لقد عرّاني من كل دفاعاتي .... وترك جسدي الضعيف عرضة ً للألم .... فأمسكته بيدي .... وغرست أظافري فيه .... فاشتعلت النار حولي ... تحرقني بلهبها .... لا يقوى المطر على إخمادها .... وتعاون الماء واللهب لأول مرة .... كانا ضدي .... شددت قبضتي .... وأردت تمزيقه .... ذلك النابض الصغير المرتجف .... لكني ضعفت أمامه .... وأمام خوفه وعُريّه .... فضممته إلى صدري .... وأطرقت أذرف دمعي .... والغريب يقف أمامي يغطيه الظلام ....

لكنه مازال يقف أمامي .....

مفترق الطرق

الأثنين 19\12\2011
المكان هادئ .... الشمس قد نالها التعب وغطاها بلونه البرتقالي .... الهواء يداعب أغصان الأشجار المُطرقة .... وأوراقها تطير معه فقد أنهكها التشبث .... وعيناي لا تكفان عن الذهاب والإياب بين اليسار واليمين .... وجسدي يعزف لي موسيقى الألم .... وذلك المفترق يحدق إليّ بجرأةٍ وتحدٍ .... وكلا الدربين خير ....

لكني لم أسلك أيهما .... فمازلت أتشبث في الأمرين .... رغم إحمرار يدي ونزف أصابعي .... يلامس الهواء وجهي ويؤرجح خصلات شعري ....

هي ليست خطوة أخطوها .... بل هو قدرٌ يُرغمني .... وربما يُسعدني بإرغامه .... هو حزن فراق ٍ يُعرّي قدماي أمام الأشواك والحصى .... هي مشيئة الله أياً كان السبيل .... أعرف أني سأخطو الخطوة .... وسأسير في أحد هذين الدربين عندما يحين الوقت ....

الخوف يعتريني وأسواط القلق تلسعني وتمزق جلدي .... والقلب غائب .... يأبى المشاركة يأبى حتى التواجد .... مصرٌ على إنهاء مهمته محتضناً أولئك المغتربين ويواصل الصد ....

كانت مداعبة الهواء للوجنتين ... كصرير احتكاك الأظافر باللوح الخشبي الأملس ... وكان اصطدام أوراق الشجر الضعيفة بساقاي العاريتين .... كلسعات النملة السوداء الصغيرة .... وكان استمرار الوقوف هناك تحت تحديق المفترق ... كالوقوف العاري على حد سيفٍ لم يُؤمر بالقطع بعد .... وكان الهدوء في المكان .... كأول لمساتِ إعصار ٍ يلوح في الأفق .....

فيا دمعي انحبس .... ويا لساني لا تنطلق .... ويا قلبي استمر في الغياب ....

السبت، 21 مايو 2011

الوقت



من أغرب الأمور في حياتنا أرتباطنا العجيب بالوقت ... الوقت الذي لا يدل على مروره سوى تجعد جلودنا .... ونمو من حولنا .... وعقارب الساعة المزعجة التي لا تتوقف عن الدق .....


عندما فكرت في حقيقة أن الوقت لن يكون موجوداً في حياة البرزخ .... أو حتى في حياتنا بعد الحساب .... هذه حقيقة مفروغ منها ..... ولكن يصعب على عقولنا الصغيرة إستيعاب ذلك .... لا وجود للوقت ! .... كيف ستكون الحياة .... وكيف سنعيش؟


هذا يثير كثير من التساؤلات عن الوقت في حياتنا الحالية .... فهو في حياتنا كالسيد في قومه بل وأشد ..... هو يحكم الكثير من الأشياء والأمور إذا لم يكن كل شيء ..... فأكلنا وشربنا محكومان بساعاتٍ معينة ..... ونومنا واستيقاظنا .... دراستنا .... عملنا .... لعبنا .... مرحنا .... نحن نقوم بكل شيء محكومين بهذا السيد المتعسف .... كل شيء له وقت معين .... كل شيء يجب أن يحدث في وقت معين ودقيق .... وأحياناً يشتد علينا الأمر .... نجد أنفسنا نلتزم بالدقيقة والثانية .... وقد يزيد عن ذلك بعض الناس فيذهبون إلى أجزاء الثانية .... السؤال هو لماذا؟ .... لماذا نفعل هذا؟ .... ماذا لو ..... ماذا لو اختفى الوقت من حياتنا .... ماذا سيحدث .....



كثير منا يرى أن الوقت عامل أساسي في عمليات التنظيم في شتى مجالات الحياة ..... وأنا اتفق معهم في ذلك .... فالوقت عامل فعال للعدل .... ولكن ماذا لو جعلنا الشمس والقمر ساعاتنا .... ماذا لو استغنينا عن تلك العقارب الدَّقاقة المزعجة ..... فنحن كمسلمين نحدد أوقات الصلاة بالشمس والظلال .... فيتغير وقت الصلاة تبعاً للشمس لا العكس كما يحدث في كثير من مجالات الحياة الأخرى ..... فمثلاً .... أعمالنا تلزمنا بالتواجد على مكاتبنا في ساعة معينة كل صباح ... السابعة أو السادسة والنصف أو غيرها .... سواء كان الفصل صيفاً أو شتاءً .... ماذا لو استخدمنا ساعة الشمس .... وألزمنا بالتواجد في مكاتبنا عند إكتمال طلوع الشمس على سبيل المثال ..... ألن يكون ذلك أكثر مرونة .... وأكثر تناسباً مع تغير فصول السنة .... في هذه الحالة لن نضطر لقيادة سياراتنا في ساعات ظلام الفجر في أيام الشتاء .... ولكن مازلت أقول ..... ماذا لو لم نلتزم بالوقت .... ماذا لو إلتزمنا بالإنتاجية .... مثلاً ليس مهماً كم نقضي من الوقت في العمل .... المهم هو كم ننجز من العمل .... في هذه الحالة .... أولئك الأكثر نشاطاً وسرعة لن يضطروا لقضاء ساعات من الملل على مكاتبهم يلعبون بكراسيهم الدوّارة لا يجدون ما يفعلون .....

إلتزامنا المبالغ فيه بالقيام بأنشطتنا اليومية في ساعات ودقائق محددة .... هو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت حياتنا رتيبة مكررة مملة .... لا تجديد فيها ولا نضارة .... وإن استمررنا في استغنائنا عن تأمل السماء لمعرفة الوقت فإنها ستختفي وسنعيش تحت الأسقف وبين الجدران لا نعرف سواها ....

أن نعيش جاعلين السماء ساعتنا يعني أن نعيش على أرض ٍ صغرت مبانيها وقلت ... وبان الأفق وملأت السماء المنظر .... تُرا .... أي حياةٍ ستكون؟ ......