الاثنين، 19 يوليو 2010

عودة ماض ٍ


إن عاد ماض تكرهه .... وإن عادت قصة قديمة ....كلمة قيلت .... أو موقف مشابه .... أو ربما ظهور شخص مفاجئ .... فإذا بسكين ضعيفة تدخل الجرح القديم .... لتمزق خيوط الزمن ... التي عجزت عن إغلاقه .... ويدور سؤال في النفس .... لماذا عاد؟ .... أ هناك حكمة؟ ..... ما السبب؟ .... وما الذي علي فعله؟ .... ولا يأتي الجواب .... فتطول ساعات السرحان والشرود .... ويسكن الجسد .... وتواصل العينين التحديق إلى اللا شيء .... فتأتي ساعة التصرف .... وتحيط بك قيود الحيرة .... اللحظة حاسمة ..... والفعل مصيري ..... تتسارع الأنفاس .... وترتجف اليدين ..... وتحتبس الدموع في العينين .....

يحتضنني الخوف .... وتدميني قيود الحيرة التي تضيق وتشتد ..... فأغمض عيناي على دمعي وألمي ... ويعمل عقلي بكل طاقته باحثاً عن المخرج .... وأبدأ بالبحث في من حولي .... أنظر إلى وجوههم .... أيهم يعينني؟ .... وينعقد لساني فلا ينطلق .... وأشيح بنظري عنهم ..... وأؤثر السكوت ....

وفي لحظة عجز وضياع .... يشع نورٌ أبيض .... يوقظ الوعي .... لينطلق سؤال صريح بسيط .... "ما هذا يا ربي؟ " .... فيأتي الجواب بسرعة أكبر وبشكل أبسط .... "إنه اختبار" .....فأفتح عيناي .... الآن أستطيع أن أرى ..... يكف الخوف إحتضانه .... وتتلاشى قيود حيرة زائفة .... فيقطب الجبين ..... وتمتلئ العينين عزيمة وإرادة ..... فتنطلق اليدين .... خانقة ً ذلك الذنب القديم ..... وينطلق اللسان .... "والله .... لن أزل بك ثانية ً !" ..... فأغلق الباب في وجهه .... وأبقى في الجهة الآمنة .....
أواصل النظر إليه .... وهو يحوم حولي .... وأنا على يقين .... ما هي إلا مسألة وقت .... وسيزول .... وأنا لن أضعف ....

فأدير رأسي عنه .... وأنا عازمة على النجاح في هذا الإختبار .... فإذا بمصحف بين يدي .... وصدى ترتيلي يكرر من بعدي .... هدوء نفس ٍ في تلك اللحظات .... فإن فرغت عادت الأفكار والمشتتات .... في بادئ الأمر حاربتها .... ولكنني الآن أعقد ذراعي أمام صدري .... وأستند على الجدار .... وأنظر إليها وهي تتصادم .... وتعلو وجهي ابتسامة استخفاف .... وبجانبي تقف الحقيقة مثل وقفتي .... "تصارعي أيتها الأفكار .... فما أنت ِ إلا أفكار .... لن تثنيني عن عزيمتي .... ووسوس أيها الشيطان .... أياً كانت وسوساتك .... فذلك ذنب ٌ مسحته .... وبلاء خبرته .... ودرسٌ تعلمته .... رضى ربي مبتغاي ... وجنته مسعاي .... والطريق بيّن .... فاليحدث في الأرض ما يحدث .... هذا طريقي وعنه لن أحيد".

الثلاثاء، 29 يونيو 2010

.... عادوا أخوتي بعد طول غياب ....


الخميس 24/6/2010

بعد انتظار طويل جاء اليوم الذي نجتمع فيه جميعاً من جديد .... كان يوم خميس ... السادس من رجب لعام 1431هـ .... الموافق 17/6/2010 ....
لم أتمكن أبداً من فهم مشاعري في ذلك اليوم .... كانت غائبة ٌ حاضرة .... وكنت حائرة بها .... وقد غلب الهدوء والصمت الغريبين عليها .... لم أكن أعرف ماذا يجب أن أفعل وكيف يجب أن أقضي ذلك اليوم .... فبعد مكالمتي مع أختي ... ومعرفتي أنهم يستعدون للخروج إلى المطار .... بقي الإتصال معهم عبر الرسائل القصيرة ... انتهت ساعات العمل ... وتخبطت في الشوارع عائدة إلى البيت .... كنت متعبة من العمل وأعصابي مشدودة .... وكانت هناك أمور تحدث في داخلي لم أفهمها ... فعندما قرأت آخر رسائلهم التي تقول أنهم ركبوا الطائرة .... جلست بصمت على سريري .... وصور موقفٍ مشابه تدور حولي ....

جاء الليل أخيراً والأعين معلقة بساعة الجدار الذهبية .... وعقربها يدق بشكل ٍ رتيب زائداً بطء مرور الوقت .... وذهب والديّ إلى المطار ... كانت رجلي تهتز بشكل سريع ومتواصل .... وكنت لا أستطيع أن أسند ظهري إلى الكرسي ... أذناي تتجاوزان الجدران وكل العوائق .... تصفي كل الأصوات وتحللها ... وعقلي يعمل بكل طاقته .... حتى صدر صوتً جمد العالم .... رفعت عيناي وهما مفتوحتان على وسعهما وتجمد جسدي .... وتوقف كل شيء عن الحركة ... ولم أعد أسمع إلا دقات ساعةٍ ما .... ثم صدر صوتٌ آخر مشابه للأول ... وتلاه آخر .... وعاد كل شيء للحركة وقلت للجميع أنهم وصلوا .... ونظرت إلى الباب .... أنتظر أن يدار مقبضه .... وفعلاً فتح الباب .... وكان أخي الصغير أول الداخلين .... فقد ذهب مع والديّ ليستقبلهم في المطار .... قمت من مكاني ومشيت تجاه الباب المفتوح متلهفة لمن سيكون التالي في الدخول .... فإذا بوجه باسم وعينين تشعان فرحاً ..... نطقت باسمها وانطلقت باتجاهها .... كانت أختي ... رأيتها تسرع تجاهي وتقفز إلي .... عانقتها وأنا أشعر بجسدي يرتجف .... ولم أرد أن أفلتها .... كنت متفاجأة ومصدومة .... لا أدري .... ولكنه شعور حار وقوي .... مؤلم وسعيد .... دخلت أختي الثانية ومددت يدي إليها بينما كنت مازلت أحتضن أختي الأصغر .... بعد وقت أفلتها ونظرت إلى وجهها .... ودخلت تسلم على باقي أخوتي .... ثم دخل أخي .... وكنت أدافع عبراتي .... وكان يدفع حقيبته ..... وكذلك عانقته وأنا بالكاد أنطق باسمه .... ونظرت إلى وجهه الذي بدا أكثر جمالاً من ذي قبل .... ثم إلتفت إلى أختي الثانية التي لم أسلم عليها بعد .... وضممتها إلي وكانت ترتجف ... فتذكرت يوم سفرها .... حيث عانقتها في المطار وكانت ترتجف أيضاً .... فذرفت الدمع .... كان الجميع سعداء .... الجميع يحدق في وجوه من حولهم .... كان حلماً ... وتحقق .... كان شعور كشعور ضمآن شارف على الموت عند شربه ماء بارداً أعاد الحياة إليه ....

جلسنا جميعاً نتحدث وننظر إلى بعضنا .... شعرت بهدوء غريب خيم علي .... كانت طاقتي قد أستنفذت ... فجلست بهدوء أحدق إلى وجوه أخوتي الباسمة .... كنت سأبكي .... ولكنني تماسكت ... كانت لحظة راحة واطمئنان .... الخوف الذي سكنني شهوراً قد زال .... القلق المستمر إختفى .... كنت أشعر بأنني خفيفة كالريشة ....

ثم دخل .... رفعت عيناي ونظرت إليه .... ابتسم .... وبكيت .... مشى إلي بهدوء شديد .... ودموعي تنزلق على خذي .... وقف أمامي ينظر إلي .... كأنه يريد أن أقيّم عمله .... فأومأت برأسي وأطرقت مرتجفة من شدة البكاء ... ثم قمت وضممته وضمني .....

الآن هو حيث يجب أن يكون .... في صدري ....

كلما تحركت شعرت به .... بدا ذلك شعوراً غريباً .... ولكنه شعور مفرح .... بين الحين والآخر أضع يدي على صدري لأشعر به .... واستمع إلى لحن نبضاته .... لترتسم الإبتسامة على وجهي ....

مر أسبوع منذ جاءوا .... وأثر غربتهم يزداد وضوحاً .... ويزيدني ألماً .... ورغباتي الدفينة بدأت تطفو على السطح .... وبصمتي أواريها ... وكلما رأيت السماء رجوت الله .... وهو العالم بالخفايا .....
عسى الله أن يحفظنا .... عسى الله أن يجمعنا .... دوماً ... دوماً ... على خير !!

رحل مديرنا ... !


الخميس 3/6/2010

أستدعينا جميعاً إلى الطابق الرابع حيث سيقام حفل وداع مديرنا .... فقد تمت ترقيته إلى وظيفة أعلا في شركة أخرى ...

ذهبت في جمع ٍ من السيدات .... وعندما وصلنا طلب منا تسجيل أسماءنا في كتاب وضع عند مدخل الحفل .... قام الجميع بكتابة أسماءهم وعبارات وداع ٍ قصيرة .... ترددت في ما يجب علي كتابته ... فأنا لم أعرف الرجل .... كنت أراه في ممرات المؤسسة .... وأراه في مكتب رئيسي فقط .... فكتبت أسمي وصغت عبارة عبرت بها عن أمنيتي في الحصول على المزيد من الوقت لأتعلم منه المزيد ...وتمنيت له حظاً موفقاً ...
دخلنا صالة الحفل الصغيرة .... حيث وزعت أصناف الطعام والمشروبات على الطاولات .... إنزوينا في إحدى زواياها .... ننتظر القادم .... واحتشد الناس ... موظفون وموظفات ... من عدة جنسيات .... ومختلف الأعمار ودخل مديرنا .... والأعين تتبعه .... وهو يبتسم للجميع .... توسط أحد جدران الصالة وبجانبه مدير أعلا منه .... وبدأ الأخير بكلمة وداع بعد أن جاهد الموظفون للحصول على الهدوء والإنتباه ... كانت كلمة وداع لطيفة ... بينت خسارتنا جميعاً برحيله .... وأننا جميعاً سنواجه هذا المصير ... عاجلاً أو آجلاً .... وبعد التصفيق .... وكنت أرقب ما يحدث من خلف جمع ٍ من السيدات قصيرات القامة .... بدأ مديرنا المودع كلمته .... وكنت أراقب تقلبات وجهه وأتلمس مشاعره .... وقد صرح أنه يتمنى لو يستطيع أن يعبر عن ما يختلج في صدره كما فعلت (جسي) ... وهي موظفة سبقته بالرحيل .... وقد رحلت ودموعها جارية وأنفاسها مضطربة .... كان يحرك كتفيه وهو يتكلم وصوته منخفض إلى حدٍ ما ..... وبدا لي كمن يجاهد لكبت عبراته .... أو ربما أنا تخيلت ذلك فقط .... تلا كلمته تصفيق حار .... وقام بعض الموظفين الآخرين بإلقاء كلمات توديعية .... ولم أتمكن من سماع شيء منها ..... فقد أرهفت سمعي وركزت على مديرنا .... تتبعت نظراته وراقبت أنفاسه .... واستشعرت أحزانه .... وما أن فرغت سكرتيرته من كلمتها وهي تعلن عجزها عن مواصلة الكلام بسبب عبراتها المخنوقة .... وإلتفت مديرنا إليها ثم أنزل عينيه .... نفذت طاقتي كلها .... وشعرت بحزنهم في صدري .... الذي ثقل وعسَّر تنفسي ... ثم بدأ الجميع بتناول الطعام .... وعلت أصوات الأحاديث الجانبية .... ومديرنا هناك يلتقط الصور التذكارية ... بقيت في مكاني أتحسس مشاعره وحزنه .... وابتسامته التي لم تفارق وجهه وملؤها الحزن .... ثم سحبت خطواتي وغادرت .... غير راغبة في طعام ٍ أو شراب ....

كان ذلك مؤلماً حقاً .... رغم أن انتقاله إلى عمل أعلا منزلة يبدو خير .... إلا أن التغيير والرحيل .... لا يخفف ألمهما شيء .... بقي عقلي مشغولاً بما حدث .... ونظرت في وجوه الموظفين والموظفات الغير مبالين ... وتعجبت عدم مبالاتهم وخلو وجوههم من أية مشاعر ... وأنا الغريبة عن الجميع .... لا أكاد أحتمل ثقل هذا الحزن .... وفكرت بالمرائين والمنافقين .... فزفرت وهززت رأسي ... وتردد في عقلي .....
- سحقاً للإنسان إن غابت مشاعره ....
هذه تجربة جديدة في حياتي .... لا أريد أن أنساها .... لسببٍ ما هي تعني لي الكثير ....

وداعاً يا مديرنا .... أتمنى لك التوفيق من كل قلبي ... عسى أن تصلك كلماتي في يوم ٍ ما ....

الخميس، 24 يونيو 2010

إن شاء الله

لم أعد أرغب في الاستمرار .....

الخميس 3/6/2010
فقدت الحماس .... وفقدت القدرة على المتابعة .... ترى ما الذي يدفع الناس للتقدم .... آه يا وحدتي .... ألا توافقيني الرأي .... أنا لا أرى طريقاً أسير فيه .... كل ما أراه ..... هو مساحة ممتدة في كل الإتجاهات ... ابتلع الظلام جدرانها وسقفها .... ولا أرى سوى بقعة بيضاء تحت قدمي ... أشعر ببرودتها الشديدة التي تكاد تجمد الدماء في عروقي .... لم أعد أريد أن أكبر أكثر .... ولم أعد أريد أن أرى يوماً آخر .... لا أجد ما أفعله أو أحيا لأجله .... لو سمعني أحدٌ أقول هذا .... لصرخ بي "أستغفر الله العظيم .... أجننتي؟! " ...

أظن أنني مصابة بالكآبة .... وإلا فما هذا الذي أعانيه ...

لم يعد لدي حماس للعمل .... للدراسة ... للتعلم ... أو حتى للعب ... أنا كخردةٍ زائدة في محل صيانةٍ للسيارات ... ألقي بها في الزاوية المظلمة ... ونسيت هناك ... ولكنها باقية ... وتسمع وترى ... وهي ساكنة في مكانها .... عاجزة عن الحراك ....

- "توقفي عن قول هذا .... أنتي فقط تزيدين الطين بله .... هناك هدف .... ولكن عليك أنت أن تجديه .... تأملي خيراً ... ولوني عينيك بألوان الجمال والتفاءل .... دعي أشعة الشمس تلاعب جفنيك ... وابتسمي كلما نظرت إلى السماء الزرقاء ... فما هي إلا باب .... سيفتح يوماً وستعبرينه عائدة ً إلى البيت .... فتبسمي مهما ساءت الأحوال .... فهناك رب عظيم خلقك واهتم بك .... تبرأي من الدنيا .... اصعدي إلى السماء لا تفارق ابتسامة الرضى وجهك .... واهدأي فهذه الدنيا فانية ... وما بقاءك هنا إلا لحين .... ألا يكفي هذا لتبتسمي .... لو كان بقاءك هنا أبداً .... فلن ألومك في ما ستفعلين .... بل سأكون بجانبك وأنت تصيحين وتولولين .... عاش رجل على الأرض في قديم الزمان ... وقد عانى الأمرين ... ولكن وجهه الباسم بقي مشرقاً ... وقلبه مليئاً بالحب .... إنه حبيب القلب .... إن كان هو قد عانى ... أفلا تعانين أنت أيضاً ... وما تعانينه ليس إلا قليل .... ستشرق شمس يومٍ لن تستيقظي فيه .... فأحرصي أن يبكيك ِ العالم .... لا أن يلعن وجودك ويغني موتك .... أمعني النظر .... ستجدين أناساً يحبونك يصدق .... ويسعون من أجلك .... يتذكرونك وأنت غائبة عنهم فيبتسمون .... ويدعون لك ِ بالخير .... أخلاقك لا بأس بها ..... فإياك ِ وزلل القدم .... سيرى في طريق النور .... ولتكن خطاك ِ ثابتة ..... فهناك في آخر الطريق نجد أبواب الجنة .... نجد باب بيتك آخيراً ....

أعطيني يدك ... هيا .... وارفعي رأسك .... فلا دموع ولا جراح ... ها هو الطريق أمامك .... ابتسمي فأنتي تسيرين إلى الجنة بإذن الله .... ^_^ "

شكراً لك ..... يا وحدتي .... سأسير في هذا الطريق .... سأمسح دمعي ...



السبت، 19 يونيو 2010

دنياي .... ومصابي ....

الخميس 3/6/2010 7:30 صباحاً

ما لا أفهمه هو الإنزعاج المفاجئ الذي يطرأ علي نهاية كل أسبوع ... لقد تكرر ذلك معي عدة أسابيع حتى الآن ... يصيبني الحماس للدين ... وأشتعل إهتماماً وتعلماً ويقفز قلبي فرحاً بذلك ... وتتعلق عيناي برضى ربي ... وجنته ... وما أن ينطلق بي الأسبوع حتى ينتصف ... فإذا بقلبي غير القلب وفكري غير الفكر ... فإذا بي لا أبالي بالدنيا وما فيها ... فيطغى اللعب والمرح على أيامي ... متجاهلة ً كل شيء آخر ... ويتقدم بي الأسبوع حتى يشارف على نهايته .... فإذا بي أكره نفسي وأكره حالي ... والإنزعاج والغضب سيدا الموقف ... فتظلم الدنيا ... وتضيق ... ويأسرني حزن شديد ... ولا أجد خلاصاً لي إلا التحديق بالجنة من جديد ... فأجد الراحة فيها .... والسعادة هواءها .... فتدمع عيناي ويشتاق قلبي ... فإذا بي أنصرف إلى ديني ورضى ربي .....

لماذا يتقلب بي الحال هكذا ... لماذا لا أعرف استقراراً حتى مع نفسي وعقلي ... نحن في حرب ضروس .... والتركيز دائم الغياب ... حتى نسيت أنه موجود وبات في نظري أسطورة أقدم العصور ... عقلي مشتت دائما ً ... ولا أستطيع أن ألم شتاته .... أتعبني ذلك .... أتعبني .... أريد أن يكون قلبي معلقاً بالجنة ... فتلك هي أسعد لحظات حياتي .... ولكني لا أعرف كيف أبقيه معلقاً بها ....

تأخذني الدنيا ...وآه ٌ من مأخذها ... فوالله إنه لشديد .... وتتقاذفني ... حتى أضيّع طريقي وأركن لجراحي ألعقها .... فتتركني ... وأظل في ظلام ضياعي زمناً ... حتى يداعبني نور الهداية .... فأتبعه وأتشبث به ... فيشفي جروحي ... ويعيد النضارة إلى وجهي ... فأخرج من حفرتي لأستنشق الهواء وأنظر إلى السماء .... وما أن أطمئن حتى تهاجمني الدنيا من جديد ... فيدوم عراكي معها ... فتهزمني وألقى في الحفرة من جديد ....

أي حالٍ هذه .... وإلى متى تدوم .... وما خلاصي ؟ .....

أشتقت للموت .... لانتهاء هذا الإمتحان .... فوالله إنه ليزداد صعوبة .... ولا أسهل من الضياع ....

الجنة ..... محفوفة بالمكاره والعبادات ...
النار ..... محفوفة بالملذات والشهوات ...

أقسم أني لأرى أني أقرب إلى الثانية من الأولى .... واه حسرتاه ..... بلغت هذا العمر ومازلت أتخبط ..... واه ويلتاه ... إني لأسير إلى هلاكي بقدمي .... واه مصيبتاه ....

أما آن لهذا القلب أن يخشع وهذه العين أن تدمع ....
أما آن لهذا القلب أن يخشع وهذه العين أن تدمع ....
أما آن لهذا القلب أن يخشع وهذه العين أن تدمع ....

الخميس، 22 أبريل 2010

أمي ركبت الطائرة ... إخوتي ركبوا الحافلة ... وأنا وضعت أثر قلبي في يدي





المكان: أوكسفورد ، بريطانيا ...
بعد طول إنتظار تـَمـَكـَنـَتْ أمي من الحصول على مقعد في طائرة صباح يوم الخميس ... بعد حادثة السحابة البركانية التي أغلقت كل المطارات ... إنقضى الليل بطيئاً عليها وعلى أخوتي ... الذين كتموا آلامهم وهم يرقبون لحظة فراقها ... وهي عاجزة عن فرح العودة وحزن الرحيل ... لم يجد النوم مكاناً بينهم في تلك الليلة ... فبقت أعينهم يقظة ... ترقب الخطر القادم ... موعد الطائرة ... أول الصباح .... موعد الخروج إلى المطار ... ساعات الفجر الأولى .... موعد العلم بكل المواعيد ... سويعات قبل الحدث ....... حـُبـِسـَتْ الأنفاس وطال الترقب ........

المكان: البيت ، قطر ....
عصف بنا قلق أبي وإنزعاجه المفرط .... فراح يزيد المخاوف .... ويقتل البسمات ... حتى خيمت علينا سحابة تعب ... "موعد الرحلة غير مناسب .. والخطر شديد" ... بذلك تحجج ... فألقى قذائفه في غير محلها ... نمت دون أن أعلم ... بمعدةٍ خاوية ... وقلب ٍ يهوي ......

المكان: هيثرو ، بريطانيا ....
المطار مزدحم .... البرد شديد ... وأبواب الدخول مغلقة حتى قبل الرحلة بثلاث ساعات .... قاعة دافئة تعج بالناس ... على المقاعد ناموا ... والأرض إفترشوا .... وعلى الأعمدة استندوا ... فلم يتركوا مكاناً خالياً .... بدا المكان موبوءاً .... والبقاء فيه مستحيل .... فاستـُحـِبَ البرد على الدفئ .... وفتحت البوابات بعد زمن .... دخلت أمي مودعة إخوتي .... القلوب تتألم ..... والابتسامات تجاهد لتظل على الوجوه .... دخلت أمي ... وإخوتي بقوا يتابعونها بأبصارهم ....
أمي .... إلى قاعة الإنتظار بعد تفتيش ٍموفق ...
إخوتي ... إلى محطة الحافلات ....

الله وحده العالم بما يدور داخلهم ..............

المكان: العمل ، قطر ....
الرسائل لا تتوقف منذ الفجر ... وأنا أتابع ما يحدث معهم ... قلبي غير مستقر ... تفكيري مشتت .... دخلت في شارع ٍ بالخطأ غير الشارع الذي أسلكه يومياً .... وحاولت أن أتذكر رقمي الوظيفي في مكالمة هاتفية تخص العمل ولكني لم أجده ... يرن الهاتف فيتبعه صوت أمي .... مكالمة قصيرة تخللها بعض المزاح .... موعد الإقلاع غير معروف ... وبذلك موعد الوصول غير معروف .... تنطلق أصابع قلبي لتتحسس مشاعر إخوتي .... أختار اسم أحدهم من قائمة جهات الإتصال ... فيأتيني صوت رنين ٍ بدا حزين .... فلا يتوقف .... ولا تأتيني أصواتهم .... تحزن عيناي المعلقة بسماء تصوراتي لهم .... لأراهم في الحافلة عائدين دون أمي .... وكلاً منهم غارق في أفكاره ومخاوفه الخاصة .... يعتصر قلبي وأتنهد .... إلتفت أحدق إلى شهر (ستة) .... رأيت لحظة لقائي بهم .... فشعرت بحرارة في عيني .... عدت أنظر إليهم وهم في الحافلة .... فشعرت بدموعهم الحارة .... تجري على قلبي ....

المكان: ........ بعيداً عن الوقت ... وفي اللا مكان ...
صرخت به وهو يضع قدمه في الطائرة .... "عد .... ماذا تفعل ؟" .... نظر إلي متعجباً ..... ثم تغير وجهه ... فهم قصدي ... عاد بخطواته إلى الوراء .... أومأ برأسه .. وأعتذر بعينيه .... رأيت تعبي معكوساً في عينيه .... ورأيت صدره يعلو ويهبط بسرعة .... علمت ... حاله مثل حالي .... إشتقنا للـّقاء ..... وهدّنا البعد .... ولكن .... مهمتنا لا تنتهي هنا .... جرى إلى الحافلة مستشعراً الدموع الحارة المنزلقة عليه .... وعيناي تتبعانه ......... فوضعت أثره في يدي ...

المكان: العمل ، قطر ....
ألقيت نفسي مستندة ً إلى الكرسي .... أنفاسي متسارعة .... دموعي في عيني .... صدري فارغ فهو لن يعود ..... نظرت إلى الهاتف ... "علي أن أتصل بهم" .......

الأربعاء، 7 أبريل 2010

كل شيء ممكن ....... في الصغر


كانت الحياة سهلة وبسيطة .... لا يوجد شيء مهم ..... مدرسةٌ ولعبٌ وخيال .... العالم كله في أيدينا .... كل شيء نريده .... كان ممكناً .... فإن لم نحصل عليه الآن .... نزلت دمعة مبتسمة .... يتبعها النسيان .... أي شيء كان ممكناً .... كنا نقوم بالكثير من الأمور .... عقولنا يقظة ومتقدة .... تفيكرنا ثابت ... نستطيع أن نكون أي شيء نريده .... فتارةً نحن بحارةٌ أشداء .... وتارةً نحن شرطة أذكياء .... وتارةٌ نركب سفينة إلى الفضاء .... كان التركيز سهلاً .... وكنا نتقبل ونتكيف مع كل ظروف الحياة .... لم نكن نعترض كثيراً فنحن عادةً ما نرضى في نهاية الجدال بما يُملى علينا .... كنا نرى أن الحياة ستستمر على ما هي عليه أبدا .... لا نخشى مرضاً أو حرباً .... لا نلتفت إلى مشاغل الكبار التافهة ... فهم يشغلون أنفسهم في توافه تنتهي بهلاكهم .... نقضي اليوم تلو اليوم ... لا نفكر في نهاية أو بداية .... إن وضعنا في عقلنا القيام بعمل ما .... نقوم إليه دون تردد وتخطيط .... ونواصل العمل عليه حتى ننجزه .... كنا أقوياء وصابرين حقاً .... فعقولنا صافية وقلوبنا بيضاء نقية .... كانت الحياة زاهية بكل الألوان في عيننا .... وكل شيء ينال على إعجابنا ... وإبتسامتنا البريئة تعلو وجوهنا دائماً .......

الآن أتنهد .... وتعلو وجهي نظرة حزينة .... ويدور حولي أبسط سؤال ... لماذا لا أستطيع أن أقوم ببعض ما كنت قادرةً عليه في الصغر ؟! .... أ كنت أقوى .... أ كنت أعْلَـم .... أ كنت أذكى .... يدور هذا السؤال حولي ويديه خلف ظهره ... يطالبني بالإجابة .... أُخفض عيني الحزينة وملؤها التردد ....
يمر علي اليوم ..... تلو اليوم .... وأنا بالكاد أنجز شيئاً ... مرت علي خمسة شهور الآن ... كلما نظرت إليها صدمت أنها مرت .... ولا شيء في ذاكرتي يدل على أن هذا الوقت قد مر .... لماذا لم أخشى شيئاً وأنا طفلة صغيرة .... لماذا أخشى كل شيء وقد بلغت الثالثة والعشرين من العمر .... أمسكت قلماً من قبل .... وكتبت أول قصة لي .... كان ذلك منذ أكثر من ثماني سنوات .... ولم تتوقف يدي عن خط الكلمات حتى كتبت كلمة النهاية في السطر الأخير .... والآن .... أمسكت القلم .... فوجدت يدي تتركه كثيراً .... وتنشغل عنه كثيراً .... حالتي النفسية المتقلبة .... تـُثقل القلم في يدي .... فتعجز أصابعي عن حمله ....
هل كنت أقوى وأنا أصغر؟

كنت طفلةً في الإبتدائية عندما هبت أول رياحٍ شائكة في حياتي .... ولكني كنت قادرة على الإبتسام والمضي قدما ً .... لم أخسر الكثير ... كل ما فعلته تلك الرياح كان إنخفاض درجاتي في المدرسة ....
ومنذ سنة هبت رياحٌ مماثلة .... ولكنها دمرت أغلب ما بنيت ..... فقدت صحتي .... فقدت تركيزي ..... فقدت عزيمتي .... وفقدت ثقتي .... والآن أجاهد لأقضي اليوم ....
هل كنت أقوى وأكثر حكمةً وتعقلاً وأنا أصغر؟

فيا أنا الصغيرة .... هلا عدتي إلي .... هلا أخذتي بيدَيّ .... دُليني على الطريق .... علميني ما المهم .... أريني ما ترين .... خذيني إلى حيث تذهبين .... وأمنعيني من ما تخشين .... يا أنا الصغيرة ... كوني يدي .... كوني عقلي .... كوني قلبي .... أيعقل أن ألجأ إليكِ؟؟ ..... وقدوتي تكونين وتبقين؟!!!

الأربعاء، 31 مارس 2010

((إســمــع مـنــي))



الأثين 2010/3/21

ما أنت؟ .... سمعت اسمك كثيراً ..... ولكن أنا لا أعرفك ... أنت مسعى ومراد كثير من الناس ..... تـُرى كم هم الذين عرفوك؟ .... كم هم الذين وصلوا إليك .... يقال أن بعد الدراسة الجيدة والوظيفة الجيدة نصل إليك ! ..... تـُرى ما صحة ذلك؟ ... يقال أن العثور عليك يكون في الزواج الصالح ! ...... ما صحة ذلك؟ .... إن نظرت حولي لا أجدك .... إن بحثت في حياة وأحوال الناس من حولي .... لا أجد لك أي أثر .... أين أنت؟ ..... وأين تكون؟ ...... هل أنت حقاً موجود؟!! ....

فها أنا ... طالبة مجتهدة ... أنهت دراستها وتخطت مراحلها ... سعت لوظيفة الحلم ... وحصلت على غيرها... المرتب مرتفع والأحوال في إنسياب ... ولكنك غائب وتستمر في الغياب .... وتلك الفتاة ... وتلك ... وتلك .... متزوجات ومتعبات ... وأحوالهن فيضان ! .... وتلك ... مخطوبة وفي الحمى مأسورة .... ولا أثر لك ....

فكيف تكون حقيقياً .... أ أنت جائزة بعد الممات؟

أما أنا فقد لاحظت وتابعت ... وأنتظرت وتصبرت ... وترقبت وفهمت ... وأخيراً أيقنت ... أنت مجرد حروف جمعت ... أوجدتك آلام الناس ومخاوفهم ... كدرعٍ ورقي يحميهم من طعنات سيف تقلبات الأحوال ورماح مصاعب الحياة ...

أيتها الدرع الورقية .... فالتحملك الرياح إلى البعيد ... فسأحمل سيف الصبر والإنتظار .... ودونك سأتلقى الأمطار ... فإن عارك الجنون عقلي لن أختار .... فالفائز حاكمي وهو السَّيارْ ....

*ذلك قولي أيها الإستـــقرار*




الأربعاء، 24 مارس 2010

أقتلع قلبي للمرة الثانية في 2010


الأربعاء 24/3/2010
كالمعتاد ... لا يُعِدُهم أحدٌ للإبتعاد غيري ... في كل مرة ... ينوي فيها أحدٌ الإبتعاد ... أجد نفسي المسؤول الأول عن إعدادهم وتجهيزهم لذلك ... هم قد يسعدون بمساعدتي لهم ... ولكنهم في الحقيقة يجهلون مقدار الألم الذي يسببه ذلك .......
حتى ليلة الأمس وأنا أراها وهي تجمع حاجياتها ... وأنا ... أمد يد العون ... وكلما غـَفـَلت عني .... أطلت النظر إليها .... رغم الهدوء الظاهر ... كانت النيران تستعر ... ولكن بصمت الأموات .... كلمةٌ نطقـَت بها ... جمدتني في مكاني ... صعقت بها ... أرادتني أن أذهب معها ... أرادت أن أرافقها ... وغداً سفرها .... كيف أتصرف .... ولم تنطق بها .... بقيت واقفة هناك وعيناي مفتوحتان على وسعهما ... حتى كادتا تخرجان من مكانهما .... مشت مبتعدة ... وعندما أدرت رأسي بصعوبة أنظر إليها ... رأيت قلبها يحدق إلي بعينين لائمتين ... عجز لساني عن النطق ... أردت أن أعتذر ... فقلت أنني أردت المجيء ولكنكِ رفضتي .... فجاء ردها أكثر إيلاماً ... (ما أبي أحد إيي وياي) .... تدافعت عبراتي .... وحبستها .... جررت خطواتي وخرجت من غرفتها ....

اليوم سافرت ... حدثتها بالهاتف عدة مرات ... وعندما أقفلته إتباعاً لقواعد السلامة .... خيمت غيمة سوداء على رأسي .... وأظلمت الدنيا ... وتلاشت كل الألوان ... سكتت العصافير ... وجلست الرياح وأذقانها في أكفها ...وأغمضت الشمس عينها ... وأدار كل شيء ظهره إلي ... جـُوِفَ صدري .... وإبيضت عيناي ... وخابت كل الظنون .....

إلتفت ينظر إلي نظرته الأخيرة .... نظرت إليه ولكنني هذه المرة ... لم أرجوه أن يَعْدِلَ عن رأيه ... بقي صامتاً ينظر إلي ... ثم ولاني ظهره ومشى مبتعداً .... تسارعت أنفاسي .... وارتجفت أوصالي .... وقبضت على صدري .... حيث كان .... وعندما تلاشى من أمام عيني ... همست خلفه ....
{إرعاها جيداً ............. يا قلبــــي!!}


الساعة الواحدة وخمسة وعشرون دقيقة ظهراًَ في المكتب

الاثنين، 8 مارس 2010

كان السؤال ... أصَبرتْ؟ ...



قيل لنا ... ولطالما سمعنا هذه المقولة تتردد على مسامعنا ... "الصبر مفتاح الفرج" ... لم أقف قط لأتأمل هذه العبارة ... ولم أحاول أن أرى إن كنت أطبقها في حياتي ... "الصبر مفتاح الفرج" ... الصبر نفسه هو المفتاح ... أي إن كانت لديك مشكلة ... فاصبر لِتُحَلْ ... هو المفتاح ... هو الحل ... هو المخرج ... لم أنتبه قط ... إن كل ما كان علي فعله هو أن أصبر ... أ كان هناك داعٍ لكل تلك الدموع ... أ كان هناك داع لكل ذلك الصراخ ... أ كان هناك داع لكل ذلك الاحتجاج ... أما كان من السهل علي أن أصبر فحسب ...

قال طارق السويدان في مجموعته "الرسول الإنسان"... أن شعر الرسول صلى الله عليه وسلم كان أسوداً ... حتى في آخر أيامه ... وأن في آخر أيامه ظهرت بعض الشعرات البيضاء في جنبي رأسه ... وأطراف لحيته ... ولكنها كانت قليلة جداً ... وعندما سئل عنها قال : "شيبتني هود وأخواتها" ... أي سورة هود ومثيلاتها ...

لماذا لم يمتلئ رأس الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم بالشعر الأبيض كباقي الناس ... ببساطة لأنه صبر ... وكان دائماً صابر ... أتاني الجواب بكل بساطة وبتفكير أعمق ... عرفت أن ظهور الشعر الأبيض ... ليس إلا عملٌ من صنع الفرد فينا ...

إلتفت أنظر إلى حياتي السابقة ... مقطبةً جبيني ... تأخذني دوامة التساؤلات ... مررت بالكثير في حياتي ... ترى أصبرتْ؟ ... كثيراً ما عصفت بي آلام تجاربي ... كثيراً ما غرقت في دموعي ... ترى أصبرتْ؟ ... ظهر الشيب في رأسي ... وأنا في الثانية والعشرين من العمر ... رغم تجاربي التي مررت بها ... أنا لا أجد أنني أصبحت أكثر قوة ... بل أرى أنني أصبحت أكثر ضعفاً ... وتراجعاً ... لو أنني نظرت إلى الحياة من الناحية الصحيحة ... لطالما رأيت الحياة عبر النصف الفارغ ....

الصبر ... هل أعرفه؟ ... هل أمعنت النظر فيه؟ ...

تأملته ... وهو جالس هناك غارق في أفكاره الخاصة ... لم يكن منتبهاً لتحديقي الطويل ... إجتاحتني رغبة شديدة في التعرف عليه ... وربما ... أكثر من ذلك ... نظرت إليه ... كنت كالذي تعرض لحادث ... وفقد كل ذاكرته ... ترى هل أعرفه ... أكان صديقاً أم عدواً ... أكنت أحبه ... أم كنت أكرهه ... ترى فيم يفكر .... شعرت بالفضول الشديد تجاهه ... مصحوب بغضب ٍ وإنزعاج ...هل كنت أعرفك؟ ... فجرت ذلك السؤال داخلي ... وكأنه شعر بي ... فالتفت ينظر إلي ... فوجئت بنظرته المباشرة في عيني ... خفت ولم أتمكن من أن أبعد عيني عنه ... توترت ولم أعرف كيف أتصرف ... فقام من مكانه وأقترب ... إلى أن وقف أمامي ... رفعت رأسي أنظر إليه ... فابتسم ... ابتسامة عذبة نابعة من قلبه ... بثت الهدوء في نفسي ....

الاثنين، 1 مارس 2010

حكاية برج


كنت ومازلت صاحب أكبر بروج الأحلام .. كانت ومازالت شاهقة الارتفاع تصارع السحب والغيوم في السماء ... برج الأحلام الذي هو ملكاً لي .. صار بعيداً عني .. صرت لا أميزه عن غيره من البروج ... صار صعب المنال .. وعر المسار .. لم أظن أن البرج الذي اهتممت بأدق ما فيه وبنيته طوال سنوات العمر التي مضت .. قد يتداعى يوماً .. لقد قضيت العمر كله أشيده وأهتم وبنفسي بكل قطعةٍ فيه .. لأجعله أعلى البروج و أكثرها صموداً .. ولكن فجأة وفي غفلةٍ مني ومن حيث لم أحتسب.. بدأ يتداعى .. بدأ يضعف وبدأت الغيوم السود تغالبه .. تحركت تجاهه لأدعمه .. و لكني فوجئت عندما وجدت قيود الواقع تقيدني ومعها أشواك الأنظمة والقوانين تخزني ... وكلمة المال تقف أمامي لتعيق تحركي .. فصرخت بأعلى صوتي مستنجداً مستغيث .. لأجد الصوت بدل أن يخرج إلى الخارج ليسمع كل شيء ... يدخل إلى الداخل ليزلزل أحشائي ويفجر الصمت الرهيب الذي قضى على الأمل المريض الذي بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة ... ورأيت في عين الناس وكلامهم تحطيم أكبر .. ودعوة للتأخر .. فارتجف قلبي في مكانه رجفة مزقت العروق والشرايين .. لينطلق بحر الدم في نفسي وينهي الحياة الخضراء ويحولها إلى رماد ورفات يسكن إلى الأبد البعيد ...