الثلاثاء، 29 يونيو 2010

.... عادوا أخوتي بعد طول غياب ....


الخميس 24/6/2010

بعد انتظار طويل جاء اليوم الذي نجتمع فيه جميعاً من جديد .... كان يوم خميس ... السادس من رجب لعام 1431هـ .... الموافق 17/6/2010 ....
لم أتمكن أبداً من فهم مشاعري في ذلك اليوم .... كانت غائبة ٌ حاضرة .... وكنت حائرة بها .... وقد غلب الهدوء والصمت الغريبين عليها .... لم أكن أعرف ماذا يجب أن أفعل وكيف يجب أن أقضي ذلك اليوم .... فبعد مكالمتي مع أختي ... ومعرفتي أنهم يستعدون للخروج إلى المطار .... بقي الإتصال معهم عبر الرسائل القصيرة ... انتهت ساعات العمل ... وتخبطت في الشوارع عائدة إلى البيت .... كنت متعبة من العمل وأعصابي مشدودة .... وكانت هناك أمور تحدث في داخلي لم أفهمها ... فعندما قرأت آخر رسائلهم التي تقول أنهم ركبوا الطائرة .... جلست بصمت على سريري .... وصور موقفٍ مشابه تدور حولي ....

جاء الليل أخيراً والأعين معلقة بساعة الجدار الذهبية .... وعقربها يدق بشكل ٍ رتيب زائداً بطء مرور الوقت .... وذهب والديّ إلى المطار ... كانت رجلي تهتز بشكل سريع ومتواصل .... وكنت لا أستطيع أن أسند ظهري إلى الكرسي ... أذناي تتجاوزان الجدران وكل العوائق .... تصفي كل الأصوات وتحللها ... وعقلي يعمل بكل طاقته .... حتى صدر صوتً جمد العالم .... رفعت عيناي وهما مفتوحتان على وسعهما وتجمد جسدي .... وتوقف كل شيء عن الحركة ... ولم أعد أسمع إلا دقات ساعةٍ ما .... ثم صدر صوتٌ آخر مشابه للأول ... وتلاه آخر .... وعاد كل شيء للحركة وقلت للجميع أنهم وصلوا .... ونظرت إلى الباب .... أنتظر أن يدار مقبضه .... وفعلاً فتح الباب .... وكان أخي الصغير أول الداخلين .... فقد ذهب مع والديّ ليستقبلهم في المطار .... قمت من مكاني ومشيت تجاه الباب المفتوح متلهفة لمن سيكون التالي في الدخول .... فإذا بوجه باسم وعينين تشعان فرحاً ..... نطقت باسمها وانطلقت باتجاهها .... كانت أختي ... رأيتها تسرع تجاهي وتقفز إلي .... عانقتها وأنا أشعر بجسدي يرتجف .... ولم أرد أن أفلتها .... كنت متفاجأة ومصدومة .... لا أدري .... ولكنه شعور حار وقوي .... مؤلم وسعيد .... دخلت أختي الثانية ومددت يدي إليها بينما كنت مازلت أحتضن أختي الأصغر .... بعد وقت أفلتها ونظرت إلى وجهها .... ودخلت تسلم على باقي أخوتي .... ثم دخل أخي .... وكنت أدافع عبراتي .... وكان يدفع حقيبته ..... وكذلك عانقته وأنا بالكاد أنطق باسمه .... ونظرت إلى وجهه الذي بدا أكثر جمالاً من ذي قبل .... ثم إلتفت إلى أختي الثانية التي لم أسلم عليها بعد .... وضممتها إلي وكانت ترتجف ... فتذكرت يوم سفرها .... حيث عانقتها في المطار وكانت ترتجف أيضاً .... فذرفت الدمع .... كان الجميع سعداء .... الجميع يحدق في وجوه من حولهم .... كان حلماً ... وتحقق .... كان شعور كشعور ضمآن شارف على الموت عند شربه ماء بارداً أعاد الحياة إليه ....

جلسنا جميعاً نتحدث وننظر إلى بعضنا .... شعرت بهدوء غريب خيم علي .... كانت طاقتي قد أستنفذت ... فجلست بهدوء أحدق إلى وجوه أخوتي الباسمة .... كنت سأبكي .... ولكنني تماسكت ... كانت لحظة راحة واطمئنان .... الخوف الذي سكنني شهوراً قد زال .... القلق المستمر إختفى .... كنت أشعر بأنني خفيفة كالريشة ....

ثم دخل .... رفعت عيناي ونظرت إليه .... ابتسم .... وبكيت .... مشى إلي بهدوء شديد .... ودموعي تنزلق على خذي .... وقف أمامي ينظر إلي .... كأنه يريد أن أقيّم عمله .... فأومأت برأسي وأطرقت مرتجفة من شدة البكاء ... ثم قمت وضممته وضمني .....

الآن هو حيث يجب أن يكون .... في صدري ....

كلما تحركت شعرت به .... بدا ذلك شعوراً غريباً .... ولكنه شعور مفرح .... بين الحين والآخر أضع يدي على صدري لأشعر به .... واستمع إلى لحن نبضاته .... لترتسم الإبتسامة على وجهي ....

مر أسبوع منذ جاءوا .... وأثر غربتهم يزداد وضوحاً .... ويزيدني ألماً .... ورغباتي الدفينة بدأت تطفو على السطح .... وبصمتي أواريها ... وكلما رأيت السماء رجوت الله .... وهو العالم بالخفايا .....
عسى الله أن يحفظنا .... عسى الله أن يجمعنا .... دوماً ... دوماً ... على خير !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق