الثلاثاء، 29 يونيو 2010

رحل مديرنا ... !


الخميس 3/6/2010

أستدعينا جميعاً إلى الطابق الرابع حيث سيقام حفل وداع مديرنا .... فقد تمت ترقيته إلى وظيفة أعلا في شركة أخرى ...

ذهبت في جمع ٍ من السيدات .... وعندما وصلنا طلب منا تسجيل أسماءنا في كتاب وضع عند مدخل الحفل .... قام الجميع بكتابة أسماءهم وعبارات وداع ٍ قصيرة .... ترددت في ما يجب علي كتابته ... فأنا لم أعرف الرجل .... كنت أراه في ممرات المؤسسة .... وأراه في مكتب رئيسي فقط .... فكتبت أسمي وصغت عبارة عبرت بها عن أمنيتي في الحصول على المزيد من الوقت لأتعلم منه المزيد ...وتمنيت له حظاً موفقاً ...
دخلنا صالة الحفل الصغيرة .... حيث وزعت أصناف الطعام والمشروبات على الطاولات .... إنزوينا في إحدى زواياها .... ننتظر القادم .... واحتشد الناس ... موظفون وموظفات ... من عدة جنسيات .... ومختلف الأعمار ودخل مديرنا .... والأعين تتبعه .... وهو يبتسم للجميع .... توسط أحد جدران الصالة وبجانبه مدير أعلا منه .... وبدأ الأخير بكلمة وداع بعد أن جاهد الموظفون للحصول على الهدوء والإنتباه ... كانت كلمة وداع لطيفة ... بينت خسارتنا جميعاً برحيله .... وأننا جميعاً سنواجه هذا المصير ... عاجلاً أو آجلاً .... وبعد التصفيق .... وكنت أرقب ما يحدث من خلف جمع ٍ من السيدات قصيرات القامة .... بدأ مديرنا المودع كلمته .... وكنت أراقب تقلبات وجهه وأتلمس مشاعره .... وقد صرح أنه يتمنى لو يستطيع أن يعبر عن ما يختلج في صدره كما فعلت (جسي) ... وهي موظفة سبقته بالرحيل .... وقد رحلت ودموعها جارية وأنفاسها مضطربة .... كان يحرك كتفيه وهو يتكلم وصوته منخفض إلى حدٍ ما ..... وبدا لي كمن يجاهد لكبت عبراته .... أو ربما أنا تخيلت ذلك فقط .... تلا كلمته تصفيق حار .... وقام بعض الموظفين الآخرين بإلقاء كلمات توديعية .... ولم أتمكن من سماع شيء منها ..... فقد أرهفت سمعي وركزت على مديرنا .... تتبعت نظراته وراقبت أنفاسه .... واستشعرت أحزانه .... وما أن فرغت سكرتيرته من كلمتها وهي تعلن عجزها عن مواصلة الكلام بسبب عبراتها المخنوقة .... وإلتفت مديرنا إليها ثم أنزل عينيه .... نفذت طاقتي كلها .... وشعرت بحزنهم في صدري .... الذي ثقل وعسَّر تنفسي ... ثم بدأ الجميع بتناول الطعام .... وعلت أصوات الأحاديث الجانبية .... ومديرنا هناك يلتقط الصور التذكارية ... بقيت في مكاني أتحسس مشاعره وحزنه .... وابتسامته التي لم تفارق وجهه وملؤها الحزن .... ثم سحبت خطواتي وغادرت .... غير راغبة في طعام ٍ أو شراب ....

كان ذلك مؤلماً حقاً .... رغم أن انتقاله إلى عمل أعلا منزلة يبدو خير .... إلا أن التغيير والرحيل .... لا يخفف ألمهما شيء .... بقي عقلي مشغولاً بما حدث .... ونظرت في وجوه الموظفين والموظفات الغير مبالين ... وتعجبت عدم مبالاتهم وخلو وجوههم من أية مشاعر ... وأنا الغريبة عن الجميع .... لا أكاد أحتمل ثقل هذا الحزن .... وفكرت بالمرائين والمنافقين .... فزفرت وهززت رأسي ... وتردد في عقلي .....
- سحقاً للإنسان إن غابت مشاعره ....
هذه تجربة جديدة في حياتي .... لا أريد أن أنساها .... لسببٍ ما هي تعني لي الكثير ....

وداعاً يا مديرنا .... أتمنى لك التوفيق من كل قلبي ... عسى أن تصلك كلماتي في يوم ٍ ما ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق