الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

ذلك الشبح …..



18/9/2013

منذ شهور قليلة فقط … ظننت أن ذلك الشبح قد رحل عنا وعن بيتنا …. كنا نحتفل بالاستقرار والقرب من بعضنا … ولم انتبه أنه بقي متربصاً بنا يتجول في زوايا البيت…

لم تتوقف السماء بالأمس عن ذرف الأمطار … وأخطأ الجميع قراءة غيومها …. وظن الجميع أنه التعب …
ولم يمهلنا الشبح وقتاً كافياً حتى ظهر من جديد يقتنص القلب تلو الآخر …

عندما علا صوت المنبه ليوقظني لصلاة الفجر … تقلبت في نومي قليلاً قبل أن أمد يدي إليه لأسكته … رفعت الجوال إلى عيناي … ولمعت أرقام الوقت على سطحه الأملس …. وقبل أن أعيده إلى مكانه كان النوم قد أُنتُزِع َ مني … بقيت مستلقية على ظهري أحدق إلى السقف في ظلام الغرفة وعيناي مفتوحتان وكأنهما لم تعرفا النوم أصلاً …

يرن الهاتف بين فينة وأخرى …. لتصلني أخبار سير إجراءات المطار … وكلما سكتْ … أعدت رأسي إلى ظهر الكرسي وحدقت عبر النافذة غير قادرة على رؤية ما خلفها … والدخان يتصاعد ببطء من كوب الشاي المستقر على المكتب أمامي…

على قدر الماء الذي شربته …. مازلت أشعر بجفافٍ في حلقي ….

ألححت على الأمطار أن لا تهطل اليوم … ولا أدري إن كانت ستلتزم بإلحاحي … سلّمت ثانيةً عليهم والوجوه باسمة … ولا أدري ما حال القلوب ….

اختفى النبض من صدري … ولم أعد أشعر إلا بالفراغ مكانه … ولم يبقى سوى النبض الخفيف في بطني لذلك القلب الصغير الذي ينمو داخلي ويمنعني من الكثير … ذهب لون الحياة من وجهي وساد صمتٌ غريب ….

ولكن الله كان شديد الرحمة بحالي … فدفع الناس إلي يتحدثون ويضحكون ليصرف عني صمت الألم … الحمدلله …. ولكن الصمت يعود والناس تذهب …. وأجد نفسي جالسة وأنف وجه شبخ الغربة يكاد يلامس أنفي … ويجالسني ألمٌ ظننت أنه رحل …

أردت الحديث في الأمر …. ولكني أخشى المطر …. وفي صمتي أشعر برغبة شديدة في الابتعاد والغياب …. أريد التوقف … فقد خارت القوى ولا يدوم تجاسر المرء أو تجلده …. أحياناً يُسقِط ُ التعب المرء على ركبتيه ! ….

ليتني أقفز أربع سنواتٍ إلى الأمام …. حينها لن أكتفي بالارتياح عند اختفاء شبح الغربة …. بل سأنقض على عنقه خانقة ً إياه … ممزقة ً جسده …. سالخة ً جلده ... منهية ً وجوده ….

لكن الآن ….. ليس بيدي شيء …. سوى الصبر والدعاء …. فيا رب! ….

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق